رحيل خادم الشعب

رحيل خادم الشعب
الإثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ - ٠٩:٤٦ بتوقيت غرينتش

خبر استشهاد الرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيسي ومرافقيه اثر تحطم مروحيتهم في مرتفعات آذربايجان الشرقية امس الاحد، نزل كالصاعقة على الشعب الايراني، وجميع محبي الجمهورية الاسلامية الايرانية في العالم، واستولت حالة من الحزن العميق على الجميع، إلا انها كانت مشوبة بالقلق لدى البعض، نظرا للفراغ الكبير الذي سيتركه غياب شخصية بحجم السيد رئيسي في المشهد السياسي الايراني.

العالم مقالات وتحليلات

قائد الثورة سماحة اية الله السيد على خامنئي، كان متفهما لقلق هذا البعض، فهو قلق طبيعي، نظرا لتربص امريكا والكيان الاسرائيلي الارهابي، بالجمهورية الاسلامية في ايران، ومحاولاتهما الخبيثة منذ اكثر من اربعة عقود، للنيل منها، بعد ان افشلت الثورة الاسلامية جميع مخططاتهما لتصفية القضية الفلسطينية، وزرع الفتن الطائفية والعرقية بين شعوب المنطقة، وفرض هيمنتهما على مقدراتها وثرواتها، لذلك قال وبشكل قاطع، خلال لقائه امس عوائل بعض منتسبي قوات حرس الثورة الإسلامية بمناسبة ذكرى ولادة الإمام الرضا (ع): "نؤكد للشعب الإيراني ألا داعي للقلق ولن يكون هناك أي خلل في عمل البلاد".

كلام قائد الثورة ، لم يأت من فراغ، فهو يستند الى تاريخ الثورة الاسلامية والجمهورية الاسلامية، على مدى اكثر من اربعة عقود. فلم تتعرض ثورة، او نظام سياسي، في العالم، لمخططات ومؤامرات وضغوط هائلة ومعقدة، كما تعرضت لها الثورة الاسلامية والجمهورية الاسلامية في ايران، وكان يكفي مخطط واحد من هذه المخططات، بوأد اي ثورة، او انهيار اي نظام، فقد اغتال مرتزقة امريكا والغرب والكيان الاسرائيلي، منظري الثورة الاسلامية وعلى راسهم الشهيد الفيلسوف مرتضى مطهري، ورئيس الجمهورية الشهيد محمد على رجائي ، ورئيس الوزراء الشهيد محمد جواد باهنر، ورئيس المحكمة العليا الشهيد محمد حسيني بهشتي، والمئات من كبار الشخصيات السياسية والعسكرية والعلمية والفكرية، وقيادات كبيرة من جزب جمهوري اسلامي، والعديد من علماء الدين البارزين امثال الشهداء اصفهاني ومدني و صدوقي ودستغيب، الا ان برعم الثورة الاسلامية والجمهورية الاسلامية الفتية، تحول ببركة دماء هؤلاء الشهداء، الى شجرة عملاقة تضرب بجذورها في اعماق الارض، بينما تعانق اغصانها عنان السماء.

السبب الاول والاخير وراء صمود الجمهورية الاسلامية، هو النظام السياسي القائم في ايران، فهذا النظام السياسي، قائم باكمله على اصوات الشعب الايراني، ولا تجد شخصية حكومية، مهما كان وزنها، بدءا من قائد الثورة الاسلامية الى اصغر مسؤول في ناحية من النواحي في ايران، دون ان يكون منتخبا من قبل الشعب، فالشعب هو الذي يحكم وهو الذي يختار، وهذه الحقيقة عادة ما يحاول الثنائي الامريكي الاسرائيلي الخبيث تغييبها عن الراي العام العالمي، عبر بث الاكاذيب والمزاعم المسمومة، حول وجود "نظام دكتاتوري في ايران"، رغم ان ما يجري في ايران على مدى اكثر من 40 عاما تكذب كل هذه الحرب النفسية الامريبكية الاسرائيلية، فلو كان النظام الاسلامي قائما على اشخاص، لكان انهار في اليوم الذي تم فيه الاعلان فيه عن رحيل مفجر الثورة الاسلامية ومؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الخميني (ره)، فليس هناك من شخصية اكبر واعظم واهم من شخصية الامام الراحل، الا انه لم تمر سوى ساعات على رحيله، حتى انتخب مجلس خبراء القيادة، السيد الخامنئي ، قائدا للثورة الاسلامية.

الشعب الايراني، تمكن من مواجهة كل التحديات، وان يتجاوز كل الصعاب، وان يقاوم كل الضغوط، وان يخرج منتصرا في كل منازلة، وذلك بفضل نظامه السياسي القائم على السيادة الشعبية الدينية، وهو النظام الذي تخشى امريكا، من ان يتحول الى انموذج يتبع في اماكن اخرى من العالم، لذلك ناصبته العداء منذ اليوم الاول، هذا النظام، هو الذي سيملأ الفراغ الذي تركه الشهيد رئيسي، وعلى اعداء ايران ان يتعضوا من اخطائهم على مدى اربعة عقود، فكم مرة رسموا ابتسامة صفراء على وجوههم، لاغتيال او رحيل شخصية ايرانية، الا انه وبفضل النظام السياسي الايراني، ما اسرع ما تتحول تلك الابتسامات الصفراء الى تجهم وحسرة وندم.

اخيرا نقول، رغم ان منصبه كان رئيسا لجمهورية ايران الاسلامية، كما انه سيد، اي من صلب النبي الاكرم (ص) واللافت ان اسمه الكامل هو السيد ابراهيم رئيس الساداتي، الا انه كان معروفا لدى الايرانيين بانه "خادم الرضا"، بسبب توليه مسؤولية الروضة الرضوية، حيث مرقد الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام"، و "خادم الشعب"، لما بذله من جهد استثنائي في محاربة الفساد وخدمة الطبقات المحرومة والفقيرة، وعمله الدؤوب من اجل السيطرة على التضخم، والتقليل من ضغط العقوبات الاقتصادية الظالمة التي تفرضها امريكا على الشعب الايراني، ورغم انه لم يكمل دورته الاولى، الا ان الشعب الايراني قطف ثمار جهوده الجبارة، التي كانت اخرها افتتاحه سد في محافظة اذربيجان الغربية، ولدى عودته من مراسم الافتتاح الى تبريز، ترجل السيد والرئيس من عرش الخدمة، لا بسبب تعب او كلل او ملل، بل ترجل لقدر قدره الله سبحانه وتعالى.

سعيد محمد